نشر علي صحيفة الجريدة || السبت 26 نوفمبر
تعتبر السيرة الذاتية شكلاً من أشكال التعبير و أدب حديث من فنون الأدب التوثيقي لسيرة شخصية بضمير
المتكلم أو ضمير الغائب وقد درج الأدباء والسياسيون على كتابتها حتى تستفيد
الأجيال اللاحقة من تجاربهم الحياتية و من
رواد هذا الادب عالمياٌ الفيلسوف جان جاك روسو و عربياٌ الاديب طه حسين.
يجب اولاٌ أن نوضح الفرق ما بين اشكال التعبير الشبيه بالسيرة الذاتية و التى
تختلط على البعض مثل كتابة المذكرات و اليوميات ،و التي تتميز بانها رصد و ذكر
للاحداث و الوقائع ، التي تتناول اغلبها احداث عامة و تاريخية.
ومن ابرز الإصدارات السودانية و اقدمها في مجال المذكرات كتاب "تاريخ
حياتي" للمعلم و الرائد بابكر بدري و الذى صدر في ثلاثة أجزاء ، وكتاب
"مذكرات الامام عبدالرحمن المهدي" و في جانب السير الذاتية تتوفر عدد
المؤلفات نذكر منها كتاب "موت دنيا" لمحمد أحمد المحجوب و عبدالحليم
محمد و اعمال الاديب عبدالله الطيب "من نافذة القطار" و "حقيبة
الذكريات"، وحديثاٌ صدر كتاب "أزمنة الريح والقلق والحرية" لدكتور
حيدر إبراهيم، بالإضافة الى مؤلفات كل من يوسف ميخائيل و كامل محجوب.
أرى أنه من الواجب تدوين التجارب الحياتية و الاراء من حولنا من
اجل التاريخ و الإنسانية و كأسهام منا في توثيق و تسجيل مشاهد و مواقف قد ينساها البعض و قد ينكرها البعض الاخر و
مهما كان شكل التوثيق ايجابي او سلبي فقد سياتي بالفائدة لمن بعدنا ان كان ايجابي يستفيدون منه وان كان سلبي يتعظون منه، ان الدعوة للكتابة والتوثيق في زمان كهذا احداثه متسارعة و متلاحقة تتعاظم أهميتها يوماً بعد يوم.
واذكر انني قد اندهشت وتألمت عند مشاهدتي لاحدي اللقاءات التلفزيونية و
التي تمت فيها استضافت احد معاوني نظام نميري وذلك بسبب ممانعته و تجنبه عن كشف بعض الامور و الاحداث التاريخية
العظيمة التي دارت في ذلك الوقت و استغرابي ،رغم انه مر علي احداث ذلك التاريخ 3
عقود من الزمان و ربما قد تبقي عدد قليل جداٌ من شهود العيان و أصحاب الشأن في تلك
القضايا على قيد الحياة.
وقد ذكر الناقد والأكاديمي د. مصطفى الصاوي صاحب كتاب "السير والمذكرات في الأدب
السوداني" في
حديث لاحدي الصحف السودانية : (بأن واحدة من أوجه خصائص العمل السيري تكمن في
عنصري البوح والاعتراف وهما يشكلان أهم المؤشرات ليس لجودة السيرة فحسب ولكن
لإمكانية وجود تجربة إنسانية تعكس كما هي وبكل شفافية. أن قليلاً ممن كتبوا أدب
السيرة في السودان ترسموا ما أشرنا إليه آنفاً ،وربما تكون هناك دوافع دينية
فالاعتراف في الثقافة الإسلامية يتقاطع مع مفهوم التوبة أما على المستوى الاجتماعي
فدائمًا ما يقال (السترة والفضيحة متباريات).
لذلك المساهمة في الكتابة و التوثيق عن حياة الشخصيات السودانية العامة
التي كان لها عطاء و دور في الحياة الناس عمل عظيم يجب ان تتكاتف الجهود من اجله و
تدعمه المؤسسات الأدبية لما فيها من فوائد و عظات جمة تظل على مدي التاريخ.
إن كتابة السير الذاتية في دولة مثل السودان في غاية الأهمية لانها تساهم
في ترميم و إعادة كتابة التاريخ و إزالة الغموض عن كثير من جوانبه التي تناولتها
الكتب من جانب واحد او تغافلت التفصيل فيها خصوصاٌ في فترة ما قبل الحقبة الوطنية.
يتبع ،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق